إن مهنة التعليم من أعظم المهن وأجلها وقد اتفقت عليها أسلاف الأمم قاطبة قديماً وحديثاً على مر العصور والأزمان ، وقد تفاوت العلماء في قدرهم ومقدارهم بتفاضل العلم المحصّل في صدورهم علاوة على أدبهم وتقواهم ، فينهل منهم كل راغب و طالب ، ولا شك أن هذا التفاضل أدّى إلى نشأة علماء تفاوتوا في العلم درجات ، وفي خضمّ الموضوع لا بد من وجود نظرة تأمل فاحصة إلى أهمية وجود المعلم الربّاني الذي يعلّم الطلاب كيفية حفظ كتاب الله عز وجل وفهم معانيه في عقولهم وصدورهم وبجوارحهم وسلوكهم ، وقد أرشد الله عز وجل المعلم أن يكون ربانيًّا انطلاقاُ من قوله تعالى: { وَلَـكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ } [آل عمران: 79] ، فالمعلم الرباني الذي يربي الناس بصغار العلم قبل كباره ، والواجب على المعلم أن يبذل كل الجهد لتحصيل هذه المنزلة الرفيعة بأن يكون عالماً فاضلاً يتدرج مع الطالب في تعليمه القرآن الكريم واقعا وسلوكاً ،وقد بيّنا في مقالة سابقة أنه ينبغي لمحفظ القرآن الكريم أن يتدرج مع الطالب في تعليمه الأداء القرآني ، فيحرص على تعليمه نطق الكلمات والحروف ، ويدربه على إتقان الأداء ، وتجاوز اللحن الخفي شيئاً فشيئا ، بالإضافة إلى تنبيهه على الأخطاء الجلية التي قد يقع فيها ًالطالب ، ومساعدته في التخلص منها فيقرأ الآيات قراءة سليمة خالية من الأخطاء اللغوية .
- وينبغي للمعلم أن لا يسمح للطالب الذي تكثر أخطاؤه بالانتقال من المقطع الذي هو فيه إلى مقطع جديد ، ويتأكد ذلك إذا كانت الأخطاء في الحركات ونطق بعض الكلمات.
- ولا بد أن يوطن المعلم الطالب ويعوّده على قيامه باكتشاف خطئه بنفسه ، وأن لا يرد عليه في كل خطأ ، وبخاصة خلال التطبيق العملي لمادة التجويد في تلاوة القرآن الكريم ، ويكون ذلك -مثلاً- عن طريق سؤاله عن الحرف أو الحركة التي أخطأ فيها ، أو العلامات التي لم يراعها .
- ويجب على المعلم أن يكلف كل طالب وفق طاقته لأن من آثار تكليفهم فوق طاقتهم شعورهم بالعجز ومن ثَمَّ بالإحباط ، ومن آثار تكليفهم بأقل من قدرتهم إيجاد فراغ وملل من طول الجلوس من غير عمل ممارس ، مما يدفعهم إلى الرغبة الشديدة في الخروج المبكر .
فهذه بعض النقاط الأساسية نسطرها في هذه المقالة لتكون مشعلاً مضيئاً لكل معلّم يسعى لتحقيق مبدأ التكامل والرقي في عمله فيصل لأعلى المراتب في بلوغه رتبة المعلمين النجباء الذين يسعون لأن يكونوا ربانيين يعلمون الطلاب مبادئ العلم ومكامنه ، ويعلمونهم كذلك سلوك الأدب والأخلاق الرفيعة .
وبالله التوفيق