إن المعلم التربوي خلال مسيرته في تعليم طالب الحلقة القرآنية لابد له من أساليب مدروسة يرتكز عليها في الحلقة مما يعينه على سلوك المسلكيْن العلمي والتربوي في آنٍ واحد ، وللأسف الشديد نجد في عالمنا الإسلامي قصوراً واضحاً في الإحاطة بالأساليب التربوية وطرق تفعيلها وذلك في شتّى ميادين التعليم ، ممّا سبّب فجوة عميقة بين التربية والتعليم ، فصار المعلّم همه إنهاء مادّته ، وصار الطالب منشغلاً بالتحصيل السريع ليظفر ببعض اللهو واللعب وراحة البال ، وبالرغم من وجود نبراس الهدى بين أيدينا وفي صدورنا من كتاب ربنا وسنة نبيّنا صلى الله عليه وسلم ، وما يحمله القرآن والسنة من كنوز تربوية عظيمة نستطيع استخلاص الدرر والقواعد منها لبناء صرح تربوي وتعليمي شامخ إلا أنّ هذا القصور مازال متفشّياً في حلقات التحفيظ بشكل خاص وفي مسلك التعليم بشكل عام ، ومن الأساليب التربوية التي نادى بها شرعنا الحنيف ما يلي :
1- التربية بالقدوة:
تعتبر التربية بالقدوة من أهم الطرق وأجداها في ترسيخ المبادئ والأخلاق وهي من أهم الأساليب التي يستخدمها المعلم مع تلاميذه في حلقة التحفيظ فالطالب يعتبر المعلم قدوة حسنة له نظراً لما يحتلّه المعلم من مكانة سامية في قلب الطالب ، فالمعلم هو الشخص المباشر للتربية ، ويأخذ على عاتقه حمل الطالب إلى أسمى مكارم الأخلاق وأزكاها ، فينبغي على المعلم أن يكون قدوة صالحة حسنة لطلابه ، فلا تظهر منه مظاهر ينكرها على الطلاب ثم ربما عملها ، فيتعلمون من قوله شيء ومن فعله شيء آخر .
فالمعلم لا يستطيع أن يربي تلاميذه على الفضائل إلا إذا كان هو فاضلًا ، ولا يستطيع إصلاحهم إلا إذا كان بنفسه صالحًا ، لأنهم يأخذون عنه بالقدوة أكثر مما يأخذون عنه بالتلقين .
2- التربية بالترغيب والترهيب:
الترغيب والترهيب من العوامل الأساسية لتنمية السلوك وتهذيب الأخلاق وتعزيز القيم الاجتماعية ، وهي تعد من الأساليب التربوية الناجعة التي يسلكها المعلم مع طلابه في حلقة التحفيظ بحيث يغرس في قلوب الطلاب الخوف من الله تعالى ، وبيان أنّ الله شديد العقاب على العاصين لأمره التاركين لفرائضه، كما أنه يغرس في قلوبهم حب الله تعالى إذْ أنه الرؤوف الرحيم المنعم العظيم الذي وعد عباده المؤمنين الطائعين المؤدّين لحقوق الله بالجنة الواسعة التي فيها الأنهار والأشجار... إلى غيره مما يساعد في بناء الخوف والرجاء منه سبحانه .
3- التربية بالقصة:
ومن الأساليب التربوية الفعّالة ، والتي تهذّب جانب الأخلاق بطريقة مجدية الأسلوب القصصي الهادف ، فالقصة لها تأثير كبير على النفس البشرية ، فهي تنقل الأحداث الى عقل المتلقي فتنقله الى عالمها فيتأثر بها وجدانياً وعاطفياً ويحلّق بخياله في سمائها ، وتتوسع مداركه وأفقه تباعاً ، فتترسخ في ذهنه مبادئ مكتسبة وأسس هادفة ، فعلى المعلم أن يكثر من القصص النافعة للطلاب ، فهي خير عون له على تربية الأجيال .
وفي الختام ، فننوه أن القلم لازال يكتب والحبر أضحى سيّالاً لم يجف ، وللمقال تتمة ، والحمد لله في الأولى والآخرة .
|